للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"تنبيه"

قال بعض القضاة: قول الفقهاء: إذا تعَاَرض الأصل والغالب يكون في المسألة قولانِ، ليسَ على إطلاقه. بل اجتمعت الأمة على اعتبار الأصل وإلْغاء الغالب في دعوى الدَّين ونحوه، فالقول قول المدعي عليه وإن كان الطالبُ أصلَحَ الناسِ وأتقاهم لله. ومن الغالب عليه ألَّا يَدَّعِي إلا مالَهُ، فهذا الغالب مُلْغىً إجماعا. واتفق الناس على تقديم الغالب وإلغاء الأصل في البينة إذا شهِدَتْ، فإنَّ الغالب صِدْقُها، والأصل برَآة ذمة المشهود عليه، وإلْغاءُ الأصل ها هنا بالاجْماع عكس الأول، فليس الخلاف على الاطلاق.

"تنبيه"

خولفت قاعدة الدعاوى في خمس مواضع يُقبَل فيها قولُ الطالب:

أحدُها اللِعانُ يُقْبَل فيه قولُ الزوج، لأن العادة أن الرجل ينْفي عن زوجته الفواحشَ، فحيثُ أقدم على رمْيها بالفاحشة مع إيمانه قدَّمه الشرع. (١٩)

وثانيها القَسامة، يُقْبَلُ فيها قول الطالب لترجيحه باللَّوث (٢٠).


(١٩) وأصْلُ مشروعية اللِعان وأساسُ حكِمه قوُل الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (٨) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: ٦، ٧، ٨].
(٢٠) القسامة اسم للْأيمان التي يجب حلفها على جماعة إذا وجد بينهم أو في بلدهم قتيل ولم يُعرف قاتله، فيختار ولِىُّ المقتول خمسين رجلا من تلك البَلدة ليحلفوا بالله أنهما ما قتلوه، ولا عرفوا له قاتلا، وحينئذ تبرأ ذمتهم من دمه، وتسقط عنهم ديته، وإن أبوا وامتنعوا من تلك القسامة كانت ديتهُ على جميع اهل البلد الذي وجد فيه المقتول بينهم، وهي كلمة مشتقة من القسَم، وهو اليمين والحلف بالله تعالى، كلمة اللّوث تعني العلَامة والأمارة على ذلك القتْلِ، وعلى احتمال وقوعه من بعض أهل ذلك أو المكان أو المكان أو المجموعة واحكامُهَا التفصيلية مبسوطة في كتب السنة والفقه. فليرجعْ إلَيها من أراد التوسع في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>