للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَا أن الله تعالى أقامَ المرأتين مُقامَ الرّجل، فَيُقْضَى بهما مع اليمين كالرجل. (١٠٢) ولنا أنه يحلف مع نكول المدّعْى عليه، فمَعَ المرأتين أوْلَى (١٠٣).

إحتجوا. بأن الله تعالى إنما شَرَطَ شهادتهن مع الرجل، فإذا عُدِمَ الرجُل ألْغِيتْ.

الثاني أن شهادة النساء ضعيفة، فتقوى بالرجل، واليمين ضعيفة، فلا يصحُّ ضمُّ ضعيف إلى ضعيف. (١٠٤)

والجواب عن الأول، أنهُ تعالى أثبتَ شهادتهما مع الرجل، ولم ينْفِ شهادتهما بذلك مع اليمين، بل كان الأمر في الآية المذكورة قد سُكِتَ عنه، وقد دلَّ على شهادتهما مع اليمين الاعتبارُ الذىَ ذكرناه، فيُعْمَل بذلك.

وعن الثاني: أنا لا نُسَلِّمُ ضَعف المرأتين، بل هما كالرَّجل. سلّمناه، لكنا لا نُسلم منْعَ ضم ضعيف إلى ضعيف، بل يصِحُّ أن تحصل القوة من حيث الضم المذكور. (١٠٥)


(١٠٢) زاد القرافي هنا قوله: ولمَّا علل عليه السلام نقصان عقلهن قال: عدَلَتْ شهادةُ امراتين بشهادةِ رجل، ولم يَخُصَّ موضعا دون موضع.
(١٠٣) ذَكر القرافي وجْها ثالثا، وهو أن المرأتين أقوى من اليمين، لأنه لا تتوجه عليه يمين معهما، وتتوجه مع الرجل، وإذا لم يعرَّجْ على اليمين إلا عند عدمهما كانتا أقوى، فتكونان كالرجل فيحلف معهما.
(١٠٤) زاد القرافي وجْها ثالثا مما احتج به الشافعية والحنابلة لقولهم ورأيهم في الموضوع، فقال: "الوجه الثاني أن البينة في المال إذا خلتْ من رجلٍ لم تُقْبل, كما لو أشهد أربعَ نسوة، فلو أن امرأتين كالرجل لتم الحكم بأربع، ويُقبَلن في غير المال كما يُقبَل الرجل، ويُقْبَلُ في غير المال رجل وامرأتان.
(١٠٥) جواب القرافي عن الوجه الأول وعبارته فيه أظهر مما عند البقوري حيث قال:
"والجواب عن الأول أن النصَّ دل على أنهما يقومان مقام الرجل، ولم يتعرض لكونهما لا يقومان مقامه مع اليمين، وهو مسكوت عنه، وقد دل عليه الاعتبار المتقدم, كما دل الاعتبار على اعتبار القُمُط في البنيان والجذوع وغيرها.
والجواب عن الثاني أنا قد بيَّنا أن المرأتين أقوى من اليمين، وإنما لم يستقلَّ النسوة في أحكام الابدان، لأنها لا يدخلها الشاهد واليمين، لأن تخصيص الرجال بموضع لا يدل على قوتهم، لأن النساء قد خُصِّصْنَ بعيوب الفرج وغيرها، ولم يدل ذلك على رجحانهن على الرجال، وهو الجواب عن الوجه الثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>