للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث أن النكول لا يكون أقوى من حجة أصل الحق، وَجَحْدُهُ لا يُقضَى به مع الشاهد، فإنه يكون قضاء بالشاهد وحْدَهُ، وهو خلاف الإِجماع.

والجواب أن التعظيم لا مدخل له هاهنا، بدليل أنه لو سبَّحَ وهلل ألْفَ مرة لا يكون حجة ح الشاهد، وإِنما الحجة في إقدامه على موجِب العقوبة على تقدير الكذب، وهذا كما هو وازع دينيِ فالنكول فيه وازع طبَعى، لأنه إذا قيل له: إنْ حلفتَ بَرئت، وإن نكلتْ غرِمْتَ، فنَكَل، كان ذلك في خِلاف الطبع، والوازع الطبيعي أقوى من الوازع الشرعي، بدليل أن الإِقرار يُقْبَلُ من البَرِّ والفاجر، لكونه على خلاف الوازع الطبعي، والشهادة لا تُقْبَلُ إلا من العدل، لأن وازعها شرْعي.

وعن الثاني أن الكفارة قد تكون أوْلى من الْحق المختلَف فيه، وهو الغالب، فيُقْدِمُ على اليمين الكاذبة، فالوازع حينئذ إنما هو الوازع الشرعي، وقد تقدم أنه دون الوازع الطبعي.


= فالحمد لله على نعمة الإسلام وهداية الايمان، فهي أعظم نعمة على الانسان إذا عرف ذلك واهتدى اليه بِفضْل الله ورحمته، وتوفيقه وإسعاده لمن هداهم إلى دينه الحنيف من عباده المومنين الصالحين.
وقد عاش هذا الشاعر المسلم مائة واربعين سنة حتى شعُر بالضعف والملَل من الحياة كما سئمها زهير بن أبي سلمى، فقال في ذلك:
ولقد سئمتُ من الحياةِ وطولها ... وسؤال هذَا الناس كيفَ لبيدُ
وقال زهيرْ بن أبي سلمى في قصيدته التي هي إحدى القصائد السبع المعروفة بالمعلقات:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعشْ ... ثمانين حولا لا أبا لك يسْأمْ
أما الاسلامُ فقد علّمنا ان ندعو الله تعالى ونسأله سبحانه الحياة الطيبة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتمنين أحدُكم الموتَ لضر أصابه، ولكن يقول: اللهمّ أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا علمت الممات خيرا لي, كما علَّمنا ان نقول: اللهمّ متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما احييتنا، واجعله الوارث منا، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "خيْرُكم من طال عمرُه وحسن عمله". جعلنا الله منهم بفضله ورحمته وجوده وكرمه، وختم لنا بالإيمان والسعادة التي ختم بها لأوليائه وأصفيائه، ولكافة المومنين الصالحين من عباده. آمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>