للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن الثالث أن: سد الجحْد لا يُقْضَى به عليه، فلا يخافه، والنكول يُقضى به عليه بعدَ تقدُّم اليمين فيخافه، فظهر أن النكول أقوى من اليمين وأقوى من الجحد.

الحجة السابعة: المرأتان والنكول عندنا، خلافا للشافعي، والمُدْرَك ما تقدم سؤالا وجوابا.

الحجة الثامنة: النكول واليمين. وصُورَتُهُ أن يطالَب المطلوبُ باليمين الدافعة فينكُل، فيحلِفى الطالبُ، ويَسْتَحِقُّ بالنكول واليمين. فإن جَهِل المطلوبُ ردَّها فعلى الحاكم أن يخبره بذلك، ولا يَقضى حتى يردَّها، فإن نكل الطالب فلا شيء عليه. وقاله الشافعي. وقال أبو حنيفة: إن كانت الدعوى في مالٍ، كُرِّر عليه ثلاثا، فإن لم يحلف لزمه الحق ولا يَرُدُّ اليمينَ، وإن كانتْ في قَوَدٍ، (١٠٨) , فلا يُحْكَم بالنكول، بل يُحْبَسُ حتى يحلف أو يعترفَ، وفي النكاح والطلاق والنَّسَبِ وغيره لا مدخل لليمين فيه. وقال ابن أبي ليلَى: يُحْبَسُ في جميع ذلك حتى يحلف.

لنا قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} (١٠٩)، ولا يمينَ بعد يمين إلّا ما ذكرناه. وظاهرُه مردود بالاجماع، فَتَعَيَّنَ حمْلُهُ على يمين بَعْدَ ردِّ يمين، وهو على حذف مضاف وإقامة المضافِ إليه مُقامَه.


(١٠٨) القَود بفتح القاف والواو: القصاص، وسمِّي القصاص قوَداً، لأن الجاني يُقاد إلى أولياء المقتول، فيقتلونه به إن شاءوا، وقيل: معناه المماثلة، حيث يقع القصاص من الجاني بجناية مماثلة. ومعلوم شرعا أن القصاص لا يحكم به وينفذه إلا الإِمام السلطان، ومن ينوب عنه في تنفيذه وإصدار الحكم باسمه من الولاة والقضاة والحكام, وذلك حماية للنفوس والأعراض والأموال، ووقاية لها من الظلم والاعتداء والضياع كما هو ثابت ومنصوص عليه شرعاً.
(١٠٩) سورة المائدة: الآية ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>