للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى: قال مالك والشافعي وابن حنبل: لا يُقْبَلْنَ في أحكام الأبدان، وقال أبو حنيفة: يُقبَل في أحكام الأبدان شاهدٌ وامرأتان، إلا في الجِراح الموجبة لِلْقَوَدَ في النفس والأطراف.

لنا وجوه: الأول: قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}، (١١٧) ذلك في المدايَنَات، ومفهومه أنه لا يكون في غيرِها.

قلت: هذا ضعيف، فإنَّ القول بالمفهوم ضعيف. ثمَّ إن كان فحقّه ألَّا يقالَ بشهادتهن إلا في المداينات، ولا يقال في الأموال مطلقا. وأيضا فقد استشهد الخصم بهذه الآية من حيث إنه أقام المرأتين والرجُلَ مُقامَ الشاهدَين، وذلك إمَّا عند عدم الشاهديْن، وهو باطل، لجوازهما إجماعاً، فتعَيَّنَ أنَّهما أقيمَا مَقامَهما في التسميةِ، (١١٨) فيكونان مُرَادَيْن بقوله: "وشاهِدَيْ عدْل".

قال شِهاب الدين: افافي قولُهُ تعالى في الطلاق والرجعة: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (١١٩)، وهو حُكْم بَدَنِي، فالأحكام البدنية كذلك بأجمعها. وكذلك قوله عليه السلام: "لا نكاحَ إلا بوَلي وشاهدَيْ عدْل منكم" (١٢٠). وللخصم حُجج (١٢١) وأجَلُّها ما ذكرناه في الاعتراض على حُجَّة المالكية.

المسألة الثانية: خالفَنا أبو حنيفة في قَبول النساء منْفَرداتٍ في الرَّضاع.

لنا أن معناها لا يطلع عليه الرجال غالبا، فجاز انفرادُهُنَّ فيه كالاستهلال والولادة.

المسألة الثالثة: خالفَنَا الشافعي في قَبول امرأتين فيما ينفردن فيه، وقال: لابُدَّ من أرْبعٍ.


(١١٧) سورة البقرة: الآية ١٨٦.
(١١٨) كذا في ع، وت. وفي ح: في التشبيه.
(١١٩) سورة الطلاق: الآية: ٢.
(١٢٠) رواه الأئمة: أبو داود، والترمذي، واحمد والبيهقي رحمهم الله.
(١٢١) عدَّها القرافي ثمانية أوجُهٍ، وأجاب عنها رحمه الله، فليرجع اليها من اراد التوسع فيها، والتعرف على وجهة المالكية فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>