(١٢٩) القافة والقيافة تتُّبع الأثَرِ، والقائف هو من يتتبع الآثار ويعرفها، ويعْرف شه الرجل بأبيه وجَدِّه وأخيه مثلا. وأصل مشروعيتها واعتمادها ما في الصحيحين وغيرِهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم مسرورا تبْرُق أسارير وجهه، فقال: يا عائشة: ألمْ تَرَى، أن مجززا المدلجي دخل عليَّ فرأى أسامةَ وزيدا، وعليهما قطيفة قد غطَّيَا رؤوسهما وبدَتْ أقدامهما فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض". وسبب ذلك كما ذكره القرافي وشراح الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد تبنَّى زيد بن حارثة، وكان أبيض، وابنه أسامة أسود، فكان المشركون يطعنون في نسبه، فشق ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - لمكانته منه، فلما قال المدلجي ما قال، سُرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وهو يَدُل من وجهين: أحدهما أنه لو كان الحدْسُ باطلا شرعاً لما سُرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه لا يُسَرُّ بالباطل. وثانيها أن إقراره عليه السلام على الشيء من جملة الأدلة على المشروعية، وقد أقر مجززا على ذلك، فيكون حقا مشروعا .. الخ. وقد سبق هذا في الجزء الأول، اثناء الكلام على قاعدة الفرق بين الرواية والشهادة (من قاعدتَيْ الخبر)، ص ٢٦٧.