للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: الخامس: قَولُه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ}، (٢٠٦) فأمَرَ بجَلدهم عند عدم البينة وإن اعترفت المرأة بالزني، وهذا باطِلٌ، بل لَمْ يتعرض له، وكذلك حال العلم أيضا لم يتعرض له.

قال: السادس: أن الحاكِمَ غيرُ معصوم، فَيُتَّهَمُ بالقضاء بعلمه على عدُوٍّ أوْ لصديق، ونحن لا نعرف ذلك، فحسَمْنا ذلك، صوناً لمنصب القضاء عن التُّهم.

السابع: قال أبو عُمَر بن عبد البَرّ في الاستذكار: إتفقوا على أن القاضي لو قتل أخاه لِعِلْمه بأنه قاتلٌ أو أنه كالقاتل عمداً لا يرث منه شيئا، للتهمة في الميراث، فنَقيسُ عليه بقيَّةَ الصُّور بجامع التهمة.

احتَجُّوا بوجُوهٍ:

أحَدُها أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قضى لزوجة أبي سفيان بعلمة، حيث قال: "خُذِي لك ولولَدِكِ بِالمعروف" (٢٠٧).

قلت: ظاهرٌ أنه ليسَ هذا بحكْم، وإنما هُوَ فتوى أفتاها بها، هل أخْذُها بغَيْرِ إذنه يجوز أم لا لضررها بشُحِّهِ؟ فقال لها - جوابا عن ذلك -: يضرُّكِ الزائد ولا يَحِلُّ لك، وقدْرُ نفقتِك ونفقةِ أولاده لا إثمَ عليك فيه.

قال: وثانيها أن عُمَرَ رضي الله عنه قضى بعلمه على أبي سفيان في حقٍّ أوصى به، فإنه لمّا شكا إليه المظلومُ قال: إني لَأعْلَمُ ذلك. (٢٠٨)


(٢٠٦) سورة النور، الآية ٤: وتمامها، {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}.
(٢٠٧) في الصحيحين وغيرهما من كتب السنة عن عائشة أم المومنين رضي الله عنهما أن هندا قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفينى الا ما اخذتُ منْه وهو لا يعلم، فقال لهَا النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خذي ما يكفيك وولدَكِ بالمعروف".
(٢٠٨) عبارة القرافي هنا ذكرت هذه المسألة بتفصيل، حيث جاء فيه:
"وثانيها ما رواه صاحب الاستذكار أن رجلا من بني مخزوم ادَّعى على ابي سفيان عند عمر رضي الله عنه أنه ظلمه حدًّا في موضع، فقال عمر رضي الله عنه: إنِّى لأعْلَمُ الناسِ بذلك، فقال عمر: إنهض إلى الموضع، فنظر عمر رضي الله عنه إلى الموضع فقال: يا ابا سفيان، =

<<  <  ج: ص:  >  >>