للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ذلك، وقد لزمه الحق متَى حلفَ خصْمُه، وفي كِلا الموضعين فهو رِضاَ بما يكون من جهةِ الغَيْر، فلم كان الفرق؟

فالجواب أنه كان له الرجوع في الشهادة، لأنه يقول: إنما رضيت بشهادتهما، لأنني ظننت أنهما لا يشهدان إلا بالحق، وأمَّا بالباطل فلا أرضَى، فحجته بهذا صحيحة، وليْسَ كذلك في اليمين، لأنه لا يدعى هذا المعنى فيها، ولأنَّ اليمين لا يخلو أن تكون في جهة المدعى عليه أوْ المدعى، فإن كانت في جهة المدعَى عليه، فقال المدعى: أحْلف، كان ذلك نُكولا منه عن اليمين، فلم يكُنْ له الرجوع عن ذلك، لأنه بنكوله قد تزتبت اليمينُ في جهة خصمه، وإن كان اليمين في جهة المدعِى فيقول المدعَى عليه: إحلف، فقد نكل عن اليمين، فيكون كما قلنا في الذي قَبله، وليسَ رضاه بالشهادة نكولا منه عن شيء وجب عليه، فافترقا.

المسألة الرابعة: إذا نِسى الحاكم قضية قضاها، فشهد عنده بذلك شاهدان، وجبَ عليه إمضاؤها، واذا شهِد شهود الفرع ونسي الشهادةَ شهودُ الأصل لم تُقبل شهادتهم، وفي كلا الموضعين فهو نقْلٌ عن الغير، فَلِمَ كان ذلك؟

فالجوابُ أن الشهادة على الْحُكْم شهادةٌ بحقٍ على الحاكم، وليست بنقل شهادتهم، وشهادة الفرع إنما يثبت حكمها بثبوت شهادة الأصل، لأنها نقْلٌ، والنقل مفتقر إِلى صحة المنقول عنه، فإذا نسي شاهدا الأصل الشهادة لم تُقبلْ شهادِةَ الفرْع.

المسألة الخامسة: إذا نسى شاهدُ الأصل الشهادة لم تقبل شهادة الفرع، وإذا نسى المخبِر الخبرَ جاز لمن روى عنه أن يخبِر بذلك، وفي كلا الموضعين فهو نقل عن الغير.

فالجواب أن شهادة الفرع إنما يثبت حكمها بثبوت شهادة الأصل، لأنها فرع له، وليس كذلك الخبرُ، لأن الراوي ليس بفرع للمروي عنه، فلم يفتَقر في ثبوتهِ إلى ثبوته، ولأنَّ المُخْبَرَ لما جاز له أن يُخبِر بذلك الخبر وإن كان المخبِر قد

<<  <  ج: ص:  >  >>