للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسيه، ولَمَّا لم يكن لشاهد الأصل أن يَشهد بتلك الشهادة وإن شهد بها عند شهود الفرع، لم يكُنْ لشهود الفرع أن يَّشْهَدوا بتلك الشهادة إذا نسيها شاهدا الأصل، ولأنه لمَّا لم يَجُزْ أن يشهد شاهدا الفرع مع وجود شاهديْ الأصل لم يَجُزْ أن يشهد حالَ نسيانه بتلك الشهادة، وَلمَّا جاز لِنَاقِلِ الخبر أن يرويه مع وجود راويه كان له أن يرويه مع نسيانه، والله أعلم.

قلت: هذه الفروق كلها غيرُ بَيّنة، والظاهر أن الفرق هو من حيث إن الخبر خُفِّفَ في أمره من حيث إن متعلقه ليس بمشخَّص، والشهادة يشدَّد فها من حيث إن متعلَّقها شخص بعينه، فكانت التهمة في أحدِ البابيْن دون الآخَر، والله أعلم.

المسألة السادسة: قال الفقهاء: يُحْكَمُ بأعدل البينتين فيما عدا النكاحَ، ولا يُحكَم بذلك في النكاح، فلِمَ كان ذلك؟

فالجواب أن النِكاح لا يصح فيه التداعي، إذْ المرأة لا يصح أن يملكها شخصان، وليس كذلك غير النكاح، لأنَّ التداعي يصِح فيه بصحة ملْكِ الشخص له، لِأنه لمَّا لمْ يجُز أن يَحكم فيه باليمين إذا عُدِمَتْ البينة، فيستحق كل واحد من المتداعيين بينهما من المَحْلوف عليه، المرأة لا تصحُّ قسمتها، فلم يُجْز لذلك أن يُحْكم فيه بأعدل البينّتيْن، وليس كذلك ما عداه، لأنه يحكم فيه بالأيمان عند عدم البينة، ولصحة وقوع القسم فيه، ولأن البُضْع لا يجوز أن يُقَرَّ على الشك، وفي الحكم بأعْدله البينتين إقرارٌ له على الشك.

المسألة السابعة: إذا حلف على شْيء - ألَّا يفعلة (٥٠) - بالطلاقِ، فشهدت بينة بأنه قد فعله، (٥١) لزِمه الطلاق، ولوْ شهدتْ بينةٌ أنه فعل شيئاً مَّا،


(٥٠) كذا في ع، وت. وفي ح: "لا يَفعَلهُ"
(٥١) كذا في ع، وح: وفي ت: فشهدتْ فِيه البينةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>