مشغولة، والوديعة لم تتعلق بذمة المودَع، لأنه قبضها لمنفعة رب المال دون منفعة نفصه، فكان القول قوله في التَّلَف.
المسألة العاشرة: قال مالك: إذا قَبَضَ المودَعُ عنده الوديعة ببينةٍ لم يُقبل قوله في ردها إلا ببينة، وإذا ادّعَى تلفها قُبِل قوله في ذلك، سواء كان قبضها ببينة أو بغير بينة، وفي كلا الموضعين هو مدَّع لإِخراجها عن يده.
فالجواب أنه إذا قبضها بغير بينة قُبِل قوله في ردها، لأنه مؤتمن على الرد، وإذا قبضها ببينة لم يُقبل قوله في ردها، لأنه غيرُ مؤتمن على الرد، وفي التَّلف القول قول لأنه مؤتَمَنٌ عليها، والتَّلفُ لا يمكنه الإِشهاد عليه، ويُمْكِنُه ذلك في الرِّدِّ.
المسألة الحادية عشرة: إذا أوصَى لرجُلٍ بحائطه، فأثمر النخل قبل موتِ الموصي، فإنه للموصِي. وكذلك إذا أوصَى بعتق الجارية فولَدَتْ قَبْل موته، فإن الولد للورثة، وإن وَلَدت بعد الموت كات تبعاً، والكلُّ وُجِدَ في الموصَى به.
فالجواب أنَه قبل الموت جميع ذلك على مِلْك الموصي ثابث لم يَزُل عنه، لأنه له تغييرُ ذلك ونقلُهُ إلى غير من أوصَى له به، (٥٣) فكان له النماء الموجودُ قبل الموتِ، لأنه نماء شيء هو مِلْكُه، وبَعْدَ الموتِ فقد خرج ذلك عن مِلْكِه، وصار للموصَى له بِه، فكان النَّماءُ لِمن له المِلْكُ.
المسألة الثانية عشرةَ: قال مالك: لَا يُقْبَلُ دفع الوصي مالَ اليتيم بلا إشهاد، ويُقْبَل قوله في النفقة، وفي الجميع هو مدَّعِ لإِخراج المال عن يده.
(٥٣) في نسخة ت: أوصَى، وكلاهما بمعنى واحد، كلاهما وارد في القرآن الكربم: قال تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ}، (أي اوصَاهم بملته والتمسكِ بها) وذلك في رواية ورش، وقرآته، وعلى رواية حفص وقرآته: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ}، ومن ذلك قوله سبحانه: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}، {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا}.