وفي معناه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ذهبَ أهل الدثور (أي الأموال) بالدرجات والنعيم المقيم، يُصَلون كما نُصلى، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويُعْتقون ولا نَعتق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفلا أعَلِّمكم شيئا تدركون به مَن سَبَقكم، وتسبقون به مَنْ بعدكم، ولا يكون أحدٌ أفضلَ منكم، إلا من صنع مثلَ ما صنعتم، قالوا: بلى يا رسوَل الله (أيْ دُلّنَا على ذلك وأرْشِدْنا إليه) لنعمل به، قال: تسبحون وتحمدون وتكبرون دُبُرَ كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة، قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: سمع إخواننا أهلُ الأموال بما فعلْنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء". رواه كل من أئمة الحديث: البخاري ومسلم، وأبو داود، والترمذي رحمهم الله، وزاد أبو داود: "وتختمها بلا إلاه إلا الله وحْده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قديرٌ". قلتُ: ويظهر أنه لا منافاةَ بين ما جاء في الحديث الأول من كون التكبير أربعاً وثلاثين ومن وجه الاستدلال به على عدم الزيادة في عدد هذه الكلمات، ولا بين ما في هذا الحديث الثاني من كون التكبير ثلاثا وثلاثين مرة، لأن الرواية كذلك وردت في الأول، ولأنه يمكن فهم التكبيرة الرابعة والثلاثين، على أن المراد بها كلمة الهيللة، بما يشمل التهليل والتكبير بكلمة لا إلاه إلا الله، والله أكبر. فليتأمل ذلك وليُحقَّق، والله أعلم. (٨) عن عبد الله بن عمرَ رضي الله عنهما قال: فَرضَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد، والحر والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمَر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة، (أي صلاة العيد). حديث صحيح رواه أئمة الحديث رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين.