قلت: وهو تعليق وتصحيح دقيق وهام من ابن الشاط رحمه الله، يقال فيه وفي مِثله: نِعْمَ التصحيحِ والتصويب. (١٩) سورة يس، الآية ٨٢. (٢٠) زاد القرافي هنا قوله: "وهذه أغوار بعيدةُ الرَّوْم على العلماءِ المحصِّلين، فضلًا عن الصوفية المتخرصين، فيَهلكون من حيث لا يَشعرون، ويعتقدون أنهم إلى الله مُتَقربون، وهم عنه متباعدون، عصَمَنَا الله من الفتن وأسبابها، والجهالات وشبهْها". وعلق ابن الشاط على هذا الكلام عند القرافي بدءا من قوله: "وقد وقع هذا لِجماعة من جهال الصوفية" إلى آخر هذه الفقرة فقال: إن كان أولئك القومُ (الصوفية) يعتقدون أن الله يعطى غَيْرَهُ كلمة كن، بمعنى أنه يعطيه الاقتدار، فذلك جهل شنيع إن أرادُوا أنه يعطيه الاستقلال، وإلا فهو مذْهَبُ الاعتزال، وكلاهما كفرٌ بالمآلِ. وإن كانوا يعتقدون أن الله تعالى يعطى كُنْ، بمعنى أن يكون لهذا الشخص الكائناتُ التي يريدها مقْرونة بإرادته، فعبروا عن ذلك بإعطائه، كلمة كن، فلا محذور في ذلك إذا اقترن بقولهم قرينةٌ تُفْهِمُ المقصود". قلت: وعلى مثل هذه الوجوه المعقولة والمقبولة يمكن وينبغى أن يُحمل مثل هذا الكلام عند الصوفية، حتى يتم التوفيق في كلامهم بين الحقيقة والشريعة، ويتأتى إيجاد مخرج سليم له، ما دام ذلك ممكنا. فكرامات الأولياء تبقى في إطارها وفي حدود الكرامات والبشرى التي أثبتها الله لأوليائه المتقين في الدنيا والآخرة، بقوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}، ولا تصل الكرامة إلى درجة المعجزة التي أعطاها الله للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وخصَّهم بها، فضلا عن أن تفُوقَها أو تفُوتها، فالكرامة تبقى كرامة في اسمها ومضمونها، والمعجزة هي خاصة بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، باعتبارها أمراً خارقا للعادة على وجه التحدي، كما يعرفها بذلك العلماءُ، وهي تتنزل وتعْتَبَرُ بمنزلة حديث قدسي ناطق بقول الحق سبحانه صدَق عبْدي في كل ما بلغ عني من الْوَحى بالدين وشرعه الرباني الحكيم كما قال العلامة عبد الواحد بن عاشر في نظمه المرشد المعين: إذْ مُعْجزاتهم كقَوْلِهِ، وبَرَّ ... صدَقَ هذا العبدُ في كلِّ خَبَر =