للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو كفْرٌ، والحلُوُل كفر. (٢١)


= وفى جوهرة التوحيد للعلامة برهان الدين إبراهيم بن هارون اللقاني (ت ١٠٤١ هـ) رحمه الله، قولهُ:
وأثبِتَنْ للأوليا الكرامَةْ ... ومن نَفَاها فانْبِذَنْ كلامَه
وعندنا أن الدعاء ينفعُ ... كما من القرآن وَعْداً يُسْمَعُ
وقال فيها الإِمام شرف الدين محمد بن سعيد الصنهاجي البوصيري (ت ٦٠٨ - ٦٩٦ هـ) رَحمهُ الله، وذلك في قصيدته الشهيرة والذائعة الصيت قصيدة "الهمزية في مدْح خير البرية"، حيث جاء في أبيات منها، خطابا للنبي - صلى الله عليه وسلم -:
لمْ نَخَفْ بعْدك الضلال وفينا ... وارثُو نورِ هدْيك العلماءُ
فانقضَت آيُ الأنبياء وآيا ... تك في الناس مالهُن انقضاء
والكراماتُ منهمو معْجزات ... حازها من نوالِك الأولياء
وقال الإِمام النسفي في العقائدَ النسفية: "وكرامات الأولياء حق، فيظْهر الله الكرامة على طريق نقض العادة للولي من قطع المسافة البعيدة في المدة القليلة، وظهور الطعام والشراب واللباس عند الحاجة ... الخ.
(٢١) قال الشيخ محمد على ابن الشيخ حسين مفتي المالكية في عصره في كتابه تهذيب الفروق، المطبوع مع كتاب الفروق للقرافي، وهو يتحدث في القسم الثالث مما يوهم ما يستحيل في حق الله تعالى، وهو ما لم يرد هو ولا نظيره في كتاب ولا سنة صحيحة، فقال:
وإلى مثالِه وحكمه أشار العلامة الأمير في حاشيته على شرْحِ الشيخ عبد السلام على جوهرة التوحيد بقوله:
"وذهب بعض المتصوفة والفلاسفة إلى أنه تعالى الوجُودُ المطلق، وأن غيره لا يتَصفُ بالوجود أصْلا، حتى إذا قالوا: الإنسان موجود، فمعناه أن له تعلقاً بالوجود وهو الله تعالى، وهو كفْرٌ، ولا حلولَ ولا اتحادَ، فإن وقع من أكابر الأولياء ما يُوهِم ذلك أوِّلَ بما يناسبه كما يقع منهم في وحدة الوجود، كقول بعضهم: (ما في الجُبَّةِ إلا الله)، أراد أن ما في الجبة والكونِ كله لا وجود له إلا بالله. {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ}، وذلك اللفظ، وإن كان لا يجوز شرعا لإيهامه، لكن القوم (أي المتصوفة) تارة تغلبهم الأحوال، فإن الإنسان ضعيف إلا من تمكن بإقامة المولى سبحانه.
قال: ورأيت في مفاتيح الكنوز أن الحلاج قال: أنا، وفيه بقيَّة ما من شعوره بنفسه، ثم فَنِىَ بشهوده، فقال: الله، فهما كلمتان في مقامين مُختلفين.
قال: ورأيت - وأظنه في كلام ابن وفا - أن من أعظم إشارات وحدة الوجود قوله تعالى {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ} [فصلت: ٥٣ - ٥٤] وصحَّ في الحديث القدسي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيما يرويه عن ربه "لا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يبصر به, ويده التي يبطش بها, ورجله التي يمشي بها ... " إلى آخر هذا الحديث". انتهى ما نقله الشيخ علي وذكره عن هذا الموضوع في كتابه (تهذيب الفروق)، نقلا عن حاشية الأمير على شرح جوهرة التوحيد للشيخ إبراهيم اللقاني، رحم الله الجميع.

<<  <  ج: ص:  >  >>