(٥٦) علق الشيخ ابن الشاط على ما جاء من هذا الكلام في هذا القسم عند القرافي فقال: لقد كلَّف هذا الإنسان نفسَه شطَطا، وادَّعى دواعى لا دليل عليها، ولا حاجةَ إليها، وهْماً منه وغَلَطاً، وما المانع من أن يكلف الله تعالى خلقه أن يطلبوا منه المغفرة لذنوب كل واحد من المؤمنين. مع أنه قد قضى بأن منهم من لا يغفر له، ومن أين تلزم المنافاة بين طلب المغفرة ووجوب نقيضها؟ هذا أمر لا أعرف له وجها إلا مجرد التحكم بمحض التَّوهُّم. وما قالَه من أنه لا عموم في قوله تعالى {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا} وقوله تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ}، لكونها أفعالا في سياق الثبوت، خطأ فاحش، لأنه التفت إلى الأفعال دون ما بعدها من معمولاتها، والمعمولات في الآيتين لفْظَا عمومٍ. قلت: ومضمُونُ هذا التعقيب والتعليق الوجيه عند ابن الشاط هو الذي نجده كذلك ها هنا للبقوري حيث جاء في عبارته قولُه: هذا من التكلف الذي لا خفاء به، ومن أبعدِ شيء في القول، لينتهيَ إلى قوله عن القرافي: ويسقط هذا البحث الذي له في هذه الأقسام المتقدمة كلها. والحق والصواب إن ظهر أحَقُّ أن يُتَّبَعَ. والله أعلم. اهـ. غير أن أسلوب البقوري في التصويبِ يبقى أخف وألطف من أسلوب ابن الشاط، الذي لا يخلو من تحاملٍ وشدَّةٍ أحيانا، رحمهم الله جميعاً.