للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالسيمياء عبارة عما تَركَّب من خواصَّ أرضية كدهن خاص، أو مائعات خاصة، أوْ كلمات خاصة توجب تخيلات خاصة، وإدراكَ الحواس الخمس أو بعضها الحقائق خاصةً من المأكولات والمشمومات والمبصَرات والملموسات والمسموعات. وقد يكون لذلك وجُود يخلقه الله اذ ذاك، وقد يكون لا حقيقة له بل هي تخيُّلاتٌ.

والهيمياءُ (١٣٠)، امتيازها عن السيمياء بأن الآثار الصادرة عنها تضاف للآثار السماوية من الاتصالات الفلكية وغيرها من أحوال الأفلاك، فيَحْدُثُ جميع ماتقدم ذكره، فخصَّصوا الواحد بالسيمياء والآخرَ بالهيمياء من حيث هذا الاختلاف.

والخواصُّ للحيوانات وغيرها، ذلك كثير: (١٣١)

فذكروا أنه يوخذ سبعةُ أحجار ويُرْجم. بها كلْبٌ، شأنه إذا رُمي بحجر عضه، فإذا رُمي بسبعة أحجار وعضَّها كلها لُقِطتْ بعد ذلك وطُرحتْ في ماءٍ، فمن شرب منه ظهرت فيه آثار عجيبة خاصة نصَّ عليها السَّحَرة، (ونحو هذا النوع من الخواص المغَيِرة لأحوال النفوس)، فهذا يُنسَبُ للسحر، وليس ما يذكره الأطباء من الخواص للنباتات وغيرها من هذا القبيل. (١٣٢)


(١٣٠) هي النوع الثاني من أنواع السحر، . كما سبقت الاشارة إليه من كونه ثلاثةَ أنواع.
(١٣١) هذا هو النوع الثالث من أنواع السحر، كما قسمه القرافي إلى ذلك.
(١٣٢) عبارة القرافي هنا أوسع واوضح، وهي: وأما خواص الحقائق المختصة بانفعالات الامزجة، صحةً أو سُقْماً نحو الأدوية والأغذية من الجماد والنبات والحيَوَانِ، المسطورة في كتب الأطباء والعشابين والطبائعيين، فليس من هذا النوع، بل من علم الطب لا من علم السحر، ويختصُّ بالسحر ما كان سلطانه على النفوس خاصة.
وقد علق الشيخ ابن الشاط على ما جاء عند القرافي من الكلام على هذه الأنواع الثلاثة للسحر فقال: ذلك نقل لا كلام فيه، إلا أن السحر على الجملة، منه ما هو خارق للعادة، ومنه غير ذلك، وجميعه من جملة أفعال الله تعالى، الجائزةِ عقلا الخ ...
قلت: وهذه الجملة والعبارة الاخيرة عند ابن الشاط لا تُعْجِبُ ولا تناسب المقام عند التأمل، فراراً من نسبة فعل الشِّر إلى الله تعالى، تأدبا معه سبحانه. واهتداءً بقوله تعالى {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}. فلو قال: ويظهر أثر ذلك من خرق العوائد وغيره، بإرادة الله وقدرته سبحانه، لكان أنسب وأسلم في التعبير، وإن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>