للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولاشك في الخواص في هذا العالَم، فمنها ما يُعلَم كاختصاص الماء بالرى والنار بالإحراق، ومنها ما لا يُعلمُ مطلقا، ومنها ما يَعلَمه الأفراد من الناس كالحجر المكرئم وما يُصْنع منه الكيمياء ونحو ذلك، كما يقال: إن في الهند شجراً إذا عُمل منه دهن ودُهِن به انسان لا يقطع فيه الحديد، وفيه شجر آخَرُ، إذا استُخرِج منه دهن وشُرِبَ على صورة خاصة مذكورة عندهم في العمليات، استُغْنِي عن الغذاء أوْ أمِنَ من الامراض والأسقام، ولا يموتُ بشيء من ذلك، وطالت حياته أبدا حتى يأتي من يقتله، أمّا موته بالاسباب العادية فلا. (١٣٣)


مساق العبارة ومعناها منكشفا عِند التأمل والتمعن. إذ من المسلم به اعتقادا جازما في قلب كل مسلم أن الافعال البشرية من هذا النوع الذي هو السحر والطلسمات التي ذمها القرآن لا يكون لها أي أثر أو تأثير خارجي فيما عُمِلَتْ لأجله، أو في خرق عادة من العادات، إلا بارادة الله وقدرته، وإذنه ومشيئته، كما حكاه الله تعالى عمن تعلموا السحر من الشياطين في عهد سليمان عليه السلام، ومن الملَكَين ببابلَ هاروت وماروت، فقال سبحانه في شأن أهل الكتاب الذيز، كفروا بدين الإسلام وتنكرُوا لرسالته الحق: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (أي من نصيب)، وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} سورة البقرة: الآية ١٠٢.
وقديما قال علماؤنا رحمهم الله، كما جاء في باب الاعتقاد من رسالة ابن ابي زيد القيرواني رحمه الله."تعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد، أو يكون لأحد عنه غَنَى، أو يكُونَ خالق لشئ، الا هو ربُّ العباد وربُّ أعمالهم، والمقدِّر لحركاتهم وآجالهم، الباعث الرسلَ اليهم لِإقامة الحجة عليهم، ثم ختم الرسالة والنبوة والنذارة بمحمد نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فجعله آخر المرسلين بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيراً".
(١٣٣) هذه الفقرة هي موضوع الحقيقة السابعة عند القرافي، المتعلقة بالخواص المنسولة إلى الحقائق. وقد علق ابن الشاط على كلام القرافي في هذه الحقيقة السابعة فقال: ما قاله فيها صحيح، إلا ما قاله من تعيين الآثار التي ذكرها، ونسبَهُ إلى بعض الاحجار فذلك شيء سمعناه ولا نعلم صحته من سقمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>