للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيان ذلك أنك إذا قلت: زيد قائم. فزيد منحصر في مفهوم قائم، لا يخرج عنه إلى نقيضه، لكن قولنا: قائم، مطلق في القيام، فهي (أي القضية) موجبة، جزئية، في وقت واحد، فنقيضها إنما هو السالبة الدائمة، وهو أن لا يكون زيد قائمًا دائمًا لا في الماضى ولا في الحال ولا في الاستقبال. ومعلوم أن هذا النقيض منفى إذا صدق قولنا: زيد قائم في وقت، وكذلك جميع الاخبار التى هي نكرات، الحصر فها ثابت بحسب النقيض لا بحسب غيره. وإذا صدق المقيّد صدق المطلق، ولم يخالف الدليل العقلي على هذا. ولا يلزم من عدم الاتصاف بالنقيض عدم الاتصاف بالضد، والخلاف بالحصر في النكرات باعتبار النقيض لا باعتبار غيره (٩٧)

قلت: هذا التقرير غير بين، فهو - أولا - جعل التناقض محققًا من حيث الخبر وحده، وهو لا يتعقل. فحقيقة التناقض اختلاف قضيتين بالإيجاب والسلب، على وجهة تقتضى لذاتها صدق إحداهما وكذب الأخرى. ثم إنه لا يحتاج إلى شيء مما ذكر لعدم صحة انحصار المبتدأ في الخبر؛ قال دائما. وقد مضى مع دليله البرهاني (٩٨) والله أعلم.

قليت: ظهر لي بعد كتب الاعتراض سقوطُهُ، وأنه غير وارد ولا بد.

قال شهاب الدين: وأما غير النكرة، فأذكر فيه مسائل توضحه.

المسألة الأولى:

قوله عليه السلام في الصلاة: "تحريمها التكبير، وتحليلها: التسليم" (٩٩)، استدل به العلماء على انحصار سبب تحريمها في التكبير، وسبب


(٩٧) في ح: ولا يلزم عدم الاتصاف بالنقيض عدم الاتصاف بالضد والخلاف بالحصر في النكرات.
فالحصر في النكرات باعتبار النقيض لا باعتبار غيره. فليتأمل.
(٩٨) في نسخة ح: وقد مضى على دليله الواهي. فليتأمل وليصحح.
(٩٩) أخرجه أئمة السنة الاعلام: أحمد بن حنبل وًا بو داود والترمذى عن علي رضى الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>