للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُتبتْ (وقُدِّمَتْ) إليه في هذا الشأن فُتْيا، فقال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَبَاغَضُوا ولا تَحاسَدوا ولا تدَبَروا ولا تقَاطَعوا وكونوا عباد الله إخوانا" (٢٤٢)، وترْكُ القيام في هذا الوقت يُفضى للمقاطعة، فلو قيل بوجوبه ما كان بعيداً، هذا نصُّ ما كَتَبَ جوابا عن الفتيا، بغير زيادة ولا نقص، وهو معتى قول عمر بن عبد العزيز: "تُحْدَثُ للناس أقضيةٌ بقَدْر ما أحْدثوا من الفجور"، أي يُحْدِثون أسبابا فتُرتَّبُ أحكامٌ على نسبة ذلك، الشرعُ يجيزها، لا أنه يُحْدَثُ شرعٌ لم يكن، وهذا بشرط أن لا يستبيحَ محرَّما ولا يتركَ واجبا.

ثم القيام قد يكون محرّماً إن فُعِلَ تعظيما لمن يحبه تجبراً من غير ضرورة، ومكروها إذَا فُعِل تعظيما لمن لا يحبه، لأنه يُشبِه فعل الجبابرة ويوقع فساد قلب الذي يقام له، وهو مباح إذا فُعِلَ إجلالا لمن لا ريده، ومندوبٌ للقادم مِنْ السَّفَر. (٢٤٣).


(٢٤٢) حديث صحِيح، أخْرجهُ الإِمام مالك في الموطأ، والشيخان وأبو داود والترمذى رحمهم الله، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢٤٣) عن أبي سعيد رضي الله عنه "أن أهل قريظة (وهم قبيلة من اليهود، فإنهم ثلاث فرق وقبائل: بنو قنيقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة) نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأرسل إيى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء فقال: قوومو إلى سيِّدكم، أو قال: خَيْركُم، فقعد مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال. هؤلاء نزلوا على حُكْمِكَ (اى قَبِلوهُ)، قال (أيْ مُعاذُ: فإق أحْكُم أن تُقتَلَ مُقاتِلَتُهم، وتُسبَى ذرَاريهم، فقال (أي النبي - صلى الله عليه وسلم -): لقد حَكَمت بما حَكَم به الْمَلِكُ"، وهو الله تعالى. رواه الشيخان: وفي رواية لأبي داود: "فلما قرب (سعد بن معاذ) من مسجد قال للانصار: "قومُوا إلى سيدكم".
وبيان ذلك أن قبيلة بني النضير من يهو خيْبَرَ كانوا قريبين من المدينة وعلى مسافة ميلين منها (أي نحو ثلاث كلمترات تقريبا)، وكان بنو قريظة وقبيتهم من يهود خيبر كذلك، على مسافة خمسة أمْيال أي ما يقارب خمسَ كلمترات، خرج اليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في أواخر شهرٍ ذى الحجة من سنة خمس من الهجرة, وذلك في ثلاثة الاف رجل، وستة وثلاثين فرساً، فتحصَّنوا في حصونهم، فحاصرهم مُدة تتراوح بين ١٥ و ٢٥ يوما وليلة، ثم نزلوا على حكم النبي - صلى الله عليه وسلم -، أي رضُوا به واستسلَموا على أساسه، فردَّهُ إلى سَعْد، فحكم فيهم بالأسْرِ، والْقَتْلِ، لأنهم كانوا في معاهدة أمَانٍ مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فانتهزوا فرصة غزوة الخندق ونقضوا العهد، واتفقوا مع قريش وغطفان على حرب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره جبريل بهذا وأمَرُه بالخروج إقتالهم وإجلائهم عن المدينة المنورة وكانوا غنيمة للمسلمين.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخلت عليه بنتُه فاطمة الزهراء رضي الله عها، قام إليها فأخذ بيدها، فقبَّلها وأجْلَسَها في مجلسه، وكانت إذا دخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيتها فعلت معه مثل ذلك" =

<<  <  ج: ص:  >  >>