فيحمل عليهما مراعاة للمعنى الحقيقي، ولا يُعدل عنهما إلى المجاز
إلا بقرينة، ولا قرينة.
الاعتراض الثالث: أنه يجوز أن يكون قد حذف الخبر لوجود
قرينة تدل عليه، كما في قول الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف
والتقدير: أن اللَّه يصلي، وملائكته يصلون.
جوابه:
إن هذا فيه إضمار، والإضمار خلاف الأصل.
الموضع الثاني: قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) .
وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى قد أسند السجود إلى المذكورين في
الآية، وحقيقة " سجود الناس ": وضع الجبهة على الأرض،
وحقيقة سجود الدواب والشمس والقمر والنجوم هو: الخضوع
والخشوع؛ لأن السجود على الجبهة غير متصور منها، فاستعمل
"السجود" في الآية في معنييه، إذن لفظ " السجود " مشترك لفظي
بين الخشوع ووضع الجبهة.
اعتراض على ذلك:
قال بعض المعترضين - كتاج الدين الأرموي -: لا نُسَلِّمُ أنه
استعمل اللفظ الواحد في معنييه، بل المستعمل ألفاظ متعددة؛ لأن
حرف العطف بمثابة تكرار العامل فيكون تقدير الآية: إن الله يسجد
له من في السموات، ويسجد له من في الارض، وتسجد له