الشمس، ويسجد له القمر ... إلخ، فليس فيه إعمال للمشترك
في معنييه، بل يكون اللفظ متعدداً أريد بكل واحد معنى من المعاني،
وهذا خارج عن محل النزاع.
جوابه:
يجاب عن ذلك بجوابين:
الجواب الأول: لا نُسَلِّمُ أن العاطف بمثابة العامل؛ لأن الثابت
عند جمهور النحاة أن العامل في المعطوف هو العامل في المعطوف
عليه، وبذلك يُساوَى الثاني بالأول إعرابا وحكما، والعامل في
الثاني هو الأول بواسطة العاطف، فيكون مجموع الخضوع ووضع
الجبهة مراداً.
الجواب الثاني: أنه لو سلمنا أن العاطف بمثابة العامل للزم من
ذلك أن يكون المراد من سجود الشمس والقمر والجبال والشجر هو:
وضع الجبهة على الأرض؛ لأنه مدلول الأول، وهو ظاهر البطلان؛
لأنه لا يتحقق في الشمس ولا في القمر ونحوهما، فثبت ما قلناه.
الدليل الثاني: أن كل عاقل يصح أن يقصد بقوله: " لا تنكح ما
نكح أبوك " نهيه عن العقد وعن الوطء جميعاً من غير تكرار اللفظ،
ولا ينكر هذا إلا مكابر معاند، فثبت ما قلناه وهو: أنه يصح أن يراد
باللفظ المشترك جميع معانيه.
المذهب الثاني: أنه لا يجوز استعمال المشترك في جميع معانيه
مطلقا.
وهو مذهب أبي حنيفة، وبعض أصحابه، كأبي الحسن الكرخي
وبعض الشافعية كابن الصباغ، وبعض الحنابلة كأبي الخطاب.