أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن الإنسان يجد من نفسه تعذر استعمال اللفظ
المشترك في معنييه، ويجد تعذر استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه
معا، قياساً على تعذر تعظيم زيد والاستخفاف به في آن واحد.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: أنا لا نُسَلِّمُ الحكم في الأصل، فإنه لا يمتنع
تعظيم زيد والاستخفاف به في حال واحد، فإذا جاز ذلك: جاز
استعمال اللفظ في معنييه في حال واحد.
الجواب الثاني: على فرض أن الحكم في الأصل - وهو المقاس
عليه - صحيح، فإن قياسكم ما نحن فيه عليه قياس فاسد؛ لأنه
قياس مع الفارق؛ لأن تعظيم زيد والاستخفاف به في آن واحد
يختلف عن حمل اللفظ المشترك في معنييه، أو حمل اللفظ على
حقيقته ومجازه، فالمتكلم يجوز أن يريد باللفظ المشترك معنييه معا،
ويجوز أن يريد المبنى الحقيقي والمجازي في خطابين في آن واحد،
ولكن لا يجوز أن يعظم زيدا ويستخف به بقولين في آن واحد؛
حيث إن التعظيم ينبئ عن ارتفاع حال المعظم، أما الاستخفاف به،
فإنه ينبئ عن انحطاط حاله، وليس كذلك ما نحن فيه، ثم لا نقول
بحمل اللفظ المشترك إلا فيما أمكن الجمع فيه بين المعنيين مثل لفظ
" النكاح "، فإنه يصح حمله على معنييه وهما: العقد والوطء،
وذلك في قوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ) .
الدليل الثاني: أنه لو جار حمل اللفظ على معنييه لجاز أن يراد
بلفظ " افعل " الاباحة، والإيجاب، والندب، وكذلك لو جاز