المذهب الثاني: أن الشارع نقل لفظ " الصلاة "، و " الصوم "،
و" الزكاة " عن معناها اللغوية إلى معان شرعية نقلاً كليا، أي:
بدون أي علاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي، فهي معان مبتكرة
ابتكرها المشرع، يجوز أن لا يلاحظ فيها المعنى اللغوي، وإذا حدث
أن وجدت علاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي: فهو اتفاقي،
أي: بطريق الصدفة، وليس مقصوداً.
ذهب إلى ذلك المعتزلة والخوارج، وبعض الحنفية كالسرخسي،
والدبوسي، والبزدوي، وبعض الحنابلة كأبي الخطاب.
دليل هذا المذهب:
أن الشارع قد نقل تلك الأسماء الشرعية، وتصرف بنقلها إلى
معان غير معانيها اللغوية: فالصلاة لغة هي الدعاء، واستعمل
الشارع هذا اللفظ لمجموع الأفعال الشرعية كالركوع، والسجود،
والتسبيح، والتكبير، والنية، وغيرها، فاهل اللغة. لم يكونوا
يعرفون هذه الصلاة ولا شروطها ولا أركانها، ثم صار اسم الصلاة
اسما لمجموع هذه الأفعال.
وكذلك لفظ " الصوم " هو لغة: الإمساك بصورة عامة، أي:
سواء كان عن الأكل والشرب ليلاً أو نهاراً، أو عن الكلام، كما
في قوله تعالى: (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) ،
واستعمل الشارع هذا اللفظ لإمساك مخصوص.
وكذلك لفظ " الزكاة " هو لغة: النماء، ثم جعله الشارع اسما
لإخراج جزء من المال طهرة له.
وكذلك " الحج " هو لغة: القصد مطلقا، ثم جعله الشارع