من اللغة إلى الشرع - فإن تلك الأسماء تحمل على الحقيقة الشرعية،
دون اللغوية، ويكون المعنى واضحا لا إجمال فيه، لأن العادة: أن
كل متكلم يُحمل لفظه على عرفه، فتلك الألفاظ - أعني: الصوم،
والصلاة، والزكاة، والحج - تحمل على المقصود والمراد الشرعي،
فنحمل لفظ " الصلاة " على الصلاة الشرعية، ولفظ " الزكاة " على
الزكاة الشرعية وهكذا، ولا يجوز العدول عن ذلك إلا بدليل وقرينة
وذلك لأن عرف الشارع جار على بيان الأحكام الشرعية، دون
الحقائق اللغوية.
أما على المذهب الثالث - وهو: أن تلك الأسماء باقية على
دلالتها اللغوية، ولكن زاد عليها الشارع بعض الشروط والقيود - فإن
تلك الأسماء تحمل على المعنى اللغوي، ولا يجوز العدول عنها إلى
الشرعية إلا بقرينة، وهذا قياس هذا المذهب، وهو مذهب القاضي
أبي بكر.
ولكن بعض العلماء نقل عنه أن هذه الألفاظ - أعني الصلاة
والزكاة ونحوها - مجملة، وهو مذهب بعض العلماء كالقاضي أبي
يعلى، وبعض الشافعية، وبناء على القول بالإجمال تأثرت بعض
المسائل، ومن ذلك:
١ - قوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ) اختلف في
المراد به هل هو المعنى الشرعي، أو المعنى اللغوي؟
فذهب كثير من العلماء إلى أن المراد بالنكاح هنا هو: المعنى
الشرعي، وهو: العقد؛ لأن النكاح حقيقة شرعية، ولفظ المشرع
يجب أن يحمل على معناه الشرعي، ولذا فإنه لو زنى الأب بامرأة،
فإن ذلك لا يوجب حرمة المصاهرة.