الوجه الأول: أن المتبادر إلى الفهم من لفظ " الإمساك " إنما هو
استدامة عقد النكاح والاستمرار عليه، دون التجديد.
الوجه الثاني: أن الشارع قد فوَّض الإمساك والفراق إلى خيرة
الزوج، مما يدل على أن المراد الاستمرار في النكاح على ما هو
عليه، فلو كان المراد هو: ابتداء النكاح - كما قالوا - لما جعل
الاختيار كله لغيلان، لوقوع الفراق بنفس الإسلام، وتوقف النكاح
على رضا الزوجة.
الوجه الثالث: أن الظاهر من الزوج المأمور إنما هو امتثال أمر
النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإمساك، ولم ينقل أحد من الرواة تجديد النكاح في الصورة المذكورة.
الوجه الرابع: أنه لو كان المراد هو: ابتداء النكاح - كما قالوا -
لذكر شروط النكاح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يؤخر البيان - عن وقت الحاجة؛ حيث إن غيلان جديد عهد بالإسلام في هذه القصة، فهو بحاجة إلى بيان شروط النكاح، وما يجوز وما لا يجوز فيه لا سيما في أمر
فيه استحلال فروج، وضبط للأنساب، ولكنه لم يذكر شيئاً من
ذلك، مما يدل على أن المراد هو ما دلَّ عليه ظاهر الحديث وهو:
استدامة النكاح.
فصار التمسك بظاهر الحديث - بعد توفر تلك الأوجه - أقوى من
التمسك بالتأويل المستدل عليه بالقياس الذي ذكره الحنفية.
المثال الرابع: قوله - صلى الله عليه وسلم -
" لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل "،
فالظاهر من هذا: اشتراط النية لجميع أنواع الصوم: وهي
صيام الفرض، وصيام القضاء، وصيام النذر، وصيام الكفارة،
وصيام التطوع إلا أن صيام التطوع خرج بحديث عائشة - رضي الله عنها - حيث قالت: