للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النص الثاني: قوله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم) ،

و (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) ، وقوله: (أحل لكم الطيبات) ، وما

شابه تلك الآيات قد اختلف العلماء فيها، هل فيها إجمال؛ على

مذهبين:

المذهب الأول: أنه لا إجمال فيها، بل هي مبينة، وهذا يقال في

كل تحريم أو تحليل يضاف إلى الأعيان مثل تلك الآيات السابقة.

وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق عندي، لما ثبت من

عرف أهل اللغة من أن تحريم أو تحليل كل عين فإنه ينظر فيها إلى ما

هي معدة له، بيان ذلك:

أنه لو قال قائل: " حرمت عليك هذا الطعام " أو " حرمت

عليك هذه الجارية "، فإنه لا يتبادر إلى فهم أي عارف باللغة إلا

تحريم الأكل، وتحريم الوطء - فقط - والأصل في كل ما يتبادر إلى

الفهم أن يكون حقيقة إما بالوضع الأصلي، أو بعرف الاستعمال،

والإجمال ينتفي بكل واحد منهما، ولهذا فإن الإجمال منتف عند

قول القائل: " رأيت دابة "؛ لأن المتبادر إلى الفهم منه ذوات الأربع

بعرف الاستعمال، وإن كان على خلاف الوضع الأصلي.

المذهب الثاني: أن فيها إجمال.

وهو مذهب بعض الحنفية كأبي الحسن الكرخي، وبعض

الشافعية، وبعض الحنابلة كأبي يعلى.

دليل هذا المذهب:

أن الأعيان لا تتصف بالتحريم - مثلاً -، وإنما يحرم فعل ما

يتعلق بالعين، أي: أن تحريم الأعيان لا يصح، وإنما الذي يحرم