أفعالنا في العين، وليس لأفعالنا ذكر في اللفظ، فلا نعلم ما هو
المحرم على الحقيقة في الآيتين السابقتين؛ أهو وطء الأم، أو
اللمس، أو النظر إليها؛ ولا نعلم ما هو المحرم من الميتة أهو الأكل،
أو اللمس، أو النظر، أو البيع؛ فلا نعلم - حقيقة - المراد من
التحريم والاحتمالات متعددة ومتساوية عند السامع، ولا بد من تقدير
فعل، وليس بعضها أوْلى من بعض، ولا مرجح لأحدها فكان
اللفظ مجملاً.
جوابه:
إن القول بالإجمال لا وجه له؛ لأن عرف الاستعمال دلَّنا على أن
المراد من تحريم الميتة هو الأكل، والمراد من تحريم الأم هو وطئها،
فيكون هو المتبادر إلى الذهن؛ لما قلناه في الاستدلال من أن أهل
اللغة قد تعارفوا على أن تحريم أو تحليل كل عين ينظر فيها إلى ما هي
معدة له.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا معنوي، وتعليل ذلك قد سبق في النص الأول.
النص الثالث: قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"رفع عن أمتي الخطأ والنسيان "
قد اختلف العلماء هل فيه إجمال أو لا؛ على مذهبين:
المذهب الأول: أنه لا إجمال فيه، بل هو مبين، حيث إن المراد
به: رفع حكم الخطأ، ورفع حكم النسيان.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الصواب؛ لأنه إما أن يحمل
على رفع صورة الخطأ وصورة النسيان وحقيقتهما، أو يحمل على
رفع حكم الخطأ وحكم النسيان، ولا يمكن حمله على غيرهما.