المذهب الرابع: التفصيل من وجه آخر، وهو:
إن لم يعلم تقدم القول أو الفعل، فإنه يجعل القول هو: المبيِّن؛
نظراً لدلالته بنفسه على البيان، بخلاف الفعل فإنه يحتاج إلى غيره
- كما سبق بيانه -.
أما إذا علم تقدم أحدهما فلا يخلو من أمرين:
أحدهما: أن يعلم أن المتقدم هو القول، ففي هذه الحالة يكون
القول هو: المبيِّن؛ نظراً لتقدمه، وقوته في الدلالة.
ثانيهما: أن يعلم أن المتقدم هو الفعل، ففي هذه الحالة يكون
الفعل هو: المبين في حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - دون الأمَة، ويكون القول هو المبين في حق الأُمَّة - فقط -؛ عملاً بالدليلين - وهما القول والفعل -؛ إذ لو جعلنا الفعل - عند تقدمه - هو: المبيِّن في حق
الرسول والأُمَّة معاً: للزم من ذلك: أن يكون القول مهملاً أو يكون
ناسخاً لوجوب الطواف الثاني والسعي الثاني، والإهمال والنسخ
خلاف الأصل، وللتخلص من ذلك لا بد أن يكون الفعل مبينا
للمجمل في حق الرسول، ويكون القول هو المبين في حق الأُمَّة؛
عملاً بالدليلين، والجمع بينهما عند الإمكان أرجح من العمل بواحد
منهما وإهمال الآخر.
جوابه:
إن هذا التفريق بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - والأُمَّة في ذلك لا دليل عليه، وما لا دليل عليه لا يعتد به، ولذلك يكون القول هو: المبيِّن
مطلقاً - أي: سواء علمنا المتقدم، أو لم نعلمه؛ لفضل القول على
الفعل بما ذكرناه سابقا.