اعتراض على ذلك:
قال قائل - معترضا -: إن المراد بالبيان المذكور في الآية: البيان
التفصيلي، وتراخي البيان التفصيلي عن وقت الخطاب مسلم لا نزاع
فيه، إنما النزاع في البيان الإجمالي.
جوابه -:
إن تقييد البيان المذكور في الآية بالبيان التفصيلي تقييد بلا دليل،
حيث ذكر البيان مطلقا، ولم يوجد ما يقتضي تقييده.
الموضع الثاني: أن اللَّه تعالى أمر بني إسرائيل بذبح بقرة؛ حيث
قال: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) ،
فالله أمر بذبح بقرة معينة - غير منكرة -، ولكنه لم يعينها ويفصل في
صفاتها إلا بعد أن سألوا عدة أسئلة متكررة، ودل على كون المأمور
به معينا أمران:
أولهما: أن بني إسرائيل سالوا تعيينها، حيث قال تعالى - عنهم -:
(ادع لنا ربك يبين لنا ما هي) ، وقوله: (ما لونها)
ولو كانت منكرة لما احتيج إلى ذلك؛ لأنه بإمكانهم الخروج عن
العهدة بأي بقرة كانت.
ثانيهما: تعيين اللَّه للبقرة المطلوبة ووصفها بقوله:
(إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين) ،
وقوله: (إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان) ، والضمير في ذلك يصرف إلى ما أمروا به وجوبا، فهذا يدل على أن البقرة معينة، فثبت: أنه أخر بيان
أوصاف البقرة المأمور بذبحها إلى وقت الحاجة؛ حيث إن البيان تأخر
عن وقت الخطاب؛ فإنه لم يقترن بالخطاب بيان تفصيلي ولا إجمالي.