المذهب الثاني: أنه ليس للأمر صيغة في اللغة، وإنما صيغة "افعل "
مشتركة بين الأمر وغيره، ولا يحمل على أحدهما إلا بقرينة.
وهو مذهب أكثر الأشاعرة.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن هذه الصيغة - وهي: " افعل " - إما أن تثبت
أنها للأمر عن طريق العقل، أو النقل.
فإن زعمتم أنها ثبتت للأمر عن طريق العقل، فهذا باطل؛ لأن
العقل لا مدخل له في اللغات، وإن زعمتم أنها ثبتت للأمر عن
طريق النقل، فهذا باطل - أيضا -؛ لأن النقل قسمان: " متواتر "
و"آحاد".
فإن زعمتم أنها ثبتت للأمر عن طريق التواتر فهذا باطل؛ لأنه لو
ثبت ذلك عن هذا الطريق: لعلمناه بالضرورة كما علمتموه، ولكننا
لم نعلمه فثبت أنه لم تثبت أنها للأمر عن التواتر.
وإن زعمتم أنها ثبتت للأمر عن طريق الآحاد فهذا باطل؛ لأن
الآحاد لا تثبت به قاعدة أصولية كهذه القاعدة وهي: أن " افعل "
صيغة للأمر؛ حيث إن الآحاد لا يفيد إلا الظن، والقاعدة الأصولية
قطعية، والظني لا يثبت القطعي، إذن: لا أصل لإثبات هذه
الصيغة.
جوابه: يجاب عنه بأجوبة:
الجواب الأول: أن هذا الدليل يقتضي المطالبة بالدليل على أن
"افعل " صيغة للأمر، وهذا باطل؛ لأمرين:
الأمر الأول: أن المطالبة بالدليل ليس بدليل.