للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على وجوب أخذ الجزية من المجوس بقوله - صلى الله عليه وسلم -:

"سنوا بهم سُنَّة أهل الكتاب "، ولم ينكر عليه أحد، فكان إجماعا منهم.

اعتراض على ذلك:

قال قائل - معترضاً -: يُحتمل أن يكون الصحابة رجعوا في كل

واقعة من تلك الوقائع إلى قرينة دلَّت على الوجوب، فكان

الوجوب مستفاد من القرينة، لا من مطلق الصيغة، وهذا لا خلاف

جوابه:

يجاب عن ذلك بأجوبة:

الجواب الأول: أن ما ذكر هنا مجرد احتمال لا دليل عليه،

والاحتمال الذي لا دليل عليه لا يُعتد به؛ لأنا لو قبلنا كل احتمال

بدون أدلة لما استقام لنا دليل في الشريعة، وبهذا تبطل الشريعة

كلها، وهذا ظافر البطلان.

الجواب الثاني: أن الظاهر من هذه الوقائع: أن الصحابة قد

احتجوا بنفس صيغة الأمر الواردة في تلك النصوص على الوجوب،

ولم يرجعوا إلى أي قرينة من القرائن، والظاهر يجب العمل به.

الجواب الثالث: أنه لو كان هناك قرينة اعتمد عليها الصحابة في

حمل الأمر على الوجوب: لما ترك - الصحابة - رضي الله - عنهم -

نقلها؛ لأن نقل القرينة أوْلى من نقل لفظ الأمر؛ حيث إن في تركها

تضييع للشريعة، ولا يمكن أن ينقل الصحابة الآلاف من الأحاديث،

ويتركوا بعض القرائن، فما قيل في الاعتراض اتهام للصحابة