للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل يدخل في حد الندب - كما سبق -: جواز تركه مطلقا،

وجواز ترك الفعل لا يوجد في الوجوب.

الجواب الثاني: أن هذا استدلال بالعقل على أنه يُحمل على

الندب، وهو معارض باستدلالنا على أنه يحمل على الوجوب؛

حيث إنا قد دللنا على ذلك بنصوص من الكتاب والسُّنَّة، وإجماع

الصحابة، وإجماع أهل اللغة والعرف.

وإذا تعارض الدليل النقلي مع الدليل العقلي، فإنه يُقدم الدليل

النقلي خاصة في مسألة لغوية كهذه المسألة.

الدليل الثاني: أنه لو كان لفظ: " افعل " تقتضي الوجوب لما

حسن أن يقول العبد لسيده والولد لوالده: " اعطني درهما "، فلما

كافي الجميع يتخاطبون بينهم بذلك دلَّ على أنه لا يقتضي الوجوب.

جوابه:

أنا قلنا بأن لفظ " افعل " يستعمل في غير الوجوب - كما سبق

بيانه - وهذا لا يكون إلا بقرينة، فإذا ورد هذا اللفظ - وهو:

"افعل " من العبد، أو الابن، فإن العرب تصرفه عن الوجوب إلى

محمله، وهذا غير ممتتع؛ لأنه قد ورد على غير وجهه، فيكون قد

صدر مجازاً، وهذا لا يخرج اللفظ عن حقيقته، ألا ترى أنهم

يقولون للسخي: يا جواد، فلا يخرج ذلك عن الحقيقة.

الدليل الثالث: أن السلطان قد يأمر بالقبيح والحسن، ويوصفان

بأنهما مأمور بهما على الحقيقة، فلو اقتضى الأمر الوجوب: لكان

إذا تناول القبيح جعله واجباً.

جوابه:

نحن نقول: إنه لو أمر بالقبيح: لكان واجباً هذا هو الأصل،