افعل وإن شئت لا تفعل " يفيد عدم الطلب، ولا يمنع المخاطب من
الفعل ولا من الترك.
الوجه الثالث: الفرق من جهة الضرورة؛ حيث إنا علمنا
بالضرورة اختلاف معاني هذه الصيغ، وأنها ليست بألفاظ مترادفة،
فصيغة: " افعل " وضعت للأمر، و " لا تفعل " وضعت للنهي،
و" إن شئت افعل وإن شئت فلا تفعل "، وضعت للإباحة، فعلمنا
التفرقة بينها كما علمنا التفرقة بين " قام " و " يقوم "؛ حيث إن لفظ
" قام " وضع للماضي، ولفظ " يقوم " وضع للمضارع والمستقبل.
فإذا علمنا هذه الفروق بين الأمر والإباحة فكيف تجعلون الإباحة
من درجات الأمر بالفعل؟!
المذهب الرابع: التوقف في معنى صيغة " افعل " حتى يرد دليل أو
قرينة تدل على المعنى المراد.
وهو مذهب كثير من الأشاعرة، ونسب إلى أبي الحسن
الأشعري، والقا ضي الباقلاني، والغزالي، وصحَّحه الآمدي.
واختلف في تفسير ذلك: فمنهم من قال: معناه: أن الصيغة
موضوعة لواحد من اثنين هما: الوجوب والندب، ولكن لا يدري
عينه.
ْومنهم من قال: معناه: أننا لا ندري ما وضعت له الصيغة أهو
الوجوب، أو الندب، أو الإباحة، أو التهديد، أو: أنها مشتركة
بينها بالاشتراك اللفظي.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن صيغة: " افعل " ترد والمراد بها الايجاب،