الجواب الثاني: أنه قد يحصل استفهام من المأمور بها، ولكن هذا
جاء احتياطا، ومنعا من اتساع الفهم.
الدليل الثالث: أن استعمال صيغة " افعل " في الندب والإباحة
أكثر من استعماله في الوجوب، ولا يجوز أن يكون موضوعا
للوجوب مع استعماله في غيره أكثر.
جوابه:
يجاب عنه بأجوبة:
الجواب الأول: لا نُسَلِّمُ أنه يستعمل في الندب والإباحة أكثر، بل
إن استعمال لفظ " افعل " في الوجوب أكثر - كما مر من حمل
الصحابة لهذه الصيغة على الوجوب، وكذا أهل اللغة -.
الجواب الثاني: إن صح ما قلتموه وهو: أن استعمالها في الندب
والإباحة أكثر دليل على أن صيغة: " افعل " حقيقة فيهما، وليس
بدليل على التوقف - كما زعمتم -.
الجواب الثالث: أن هذا الدليل لا يمنع أن تكون صيغة: " افعل "
حقيقة في الوجوب؛ لأنه لا يمتنع أن يكون اللفظ حقيقة في شيء
ويُستعمل في غيره أكثر، يدل على هذا: أن " الغائط " حقيقة في
المطمئن من الأرض، واستعماله فيما يخرج من الإنسان ممثر.
وكذلك " الراوية " حقيقة في الجمل الذي يحمل المزادة،
واستعماله في المزادة أكثر.
وكذلك " الوطء " حقيقة في الدوس، واستعماله في الجماع أكثر.
الدليل الرابع: إن كون هذه الصيغة وهي: " افعل " موضوعة
للوجوب أو الندب أو الإباحة، إما أن يعلم عن طريق العقل، أو