للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجواب الثالث: نحن معكم بأن العقل لم يدل على أن " افعل "

للوجوب، لأن العقل لا مدخل له في اللغات، ونحن معكم

- أيضاً - على أن ذلك لم يثبت عن طريق التواتر، لقلة التواتر

وندرته.

ولكن لا نوافقكم على أن الآحاد لا يثبت قاعدة أصولية مطلقا،

بل في ذلك تفصيل: فإن كانت القاعدة الأصولية علمية - أي:

ليست وسيلة إلى العمل - فهذه لا تثبت بالآحاد.

وإن كانت القاعدة الأصولية عملية - أي: هي وسيلة إلى العمل -

فهذه تثبت بالآحاد، قياسا على العمل بخبر الواحد بالفروع.

فهذه القاعدة - وهي اقتضاء صيغة " افعل " للوجوب - إن لم

تثبت بأدلة قطعية، فلا أقل من أنها ثابتة بادلة ظنية، وهي: ما فهم

من الآيات والأحاديث الآحادية، وإجماع الصحابة السكوتي، وإذا

كان الأمر كذلك فلا يجوز التوقف.

هذه الأجوبة إنما تصح إذا كان سبب توقفهم هو: عدم ثبوت أدلة

ترجح أحد الأقسام.

الدليل الخامس: قياس لفظ " افعل " على اللفظ المشترك كالعين

والقرء، فكما أنا لا ندري ما المقصود من لفظ " العين "، أهو:

المذهب، أو الشمس، أو الجارية، أو الباصرة، فكذلك لا ندري

ما المقصود بلفظ: " افعل " أهو: الوجوب أو الندب، أو الإباحة،

فلذلك نتوقف فيها كما توقفنا في اللفظ المشترك.

جوابه:

أنا لا نُسَلِّمُ أن لفظ " افعل " مثل اللفظ المشترك، بل بينهما فرق