وهو: أن لفظ " افعل " يفهم منه ترجيح الفعل على الترك، وهذا
قد أجمعتم معنا عليه، وبهذا خالف اللفظ المشترك كالعين، حيث
إنه لايفهم منه معنى معين.
وبناء على ذلك: فإنه يلزمكم أن تتوقفوا، بل تنزلوا الأمر على
أقل ما يشترك فيه الوجوب والندب: وهو طلب الفعل، وأن فعله
خير من تركه - وهذا هو الندب - أما ما زاد على ذلك - وهو:
لزوم العقاب على الترك، فلكم أن تتوقفوا فيه، وعلى هذا يكون
توقفكم المطلق ظاهر البطلان.
الدليل السادس: أن صيغة " افعل " لا تفيد شيئاً، وإنما هي
معنى قائم في النفس مشتركة بين الأمر وغيره، ولا يحمل على أي
شيء إلا بقرينة.
جوابه:
إن هذا باطل؛ لأن واضع اللغة قد وضع كل لفظ لمعنى، هذا
في الأصل، فلا يوجد أي لفظ إلا وله معنى قطعي أو ظني.
ويلزم من كلامكم في دليلكم هذا ما يلي:
أولها: أنه يسفه الواضع لهذه اللغة، وأنه يتكلم بكلام لا معنى
لبما.
ثانيها: أن تلك الألفاظ لا فائدة فيها بمجردها، فيكون وضعها
عبثا فهي لا تفيد شيئاً.
ثالثها: أن تقدير قرينة - هاهنا - كتقدير قرينة في سائر أنواع
الأدلة من الكتاب والسُّنَّة، وهذا يبطلها كلها.
أي: أنه إذا كانت صيغة " افعل " لا تفيد شيئاً إلا بقرينة،