فكذلك الآيات والأحاديث لا تفيد شيئاً إلا بقرائن؛ لأنها كلها ألفاظ،
واشتراط القرينة هنا يجعل المسلم لا يعمل بأي لفظ إلا بقرينة، وهذا
يبطل جميع الأدلة، وبذلك تخلو الألفاظ عن الفائدة، وتختل
أوامر الشرع العامة، وهذا لا يقوله عاقل.
وإذا كانت هذه الأمور تلزم من قولكم في دليلكم هذا: فإنه
يكون باطلاً بلا شك.
تنبيه: المذاهب في هذه المسألة أكثر مما ذكرت، لكن لم أذكر إلا
المهم منها؛ لتأثر الفروع الفقهية فيما ذكرته.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف معنوي وهو ظاهر، وأمثلة تأثر الفروع الفقهية بهذا
الخلاف كثيرة، ومن ذلك:
١ - اختلافهم في الإشهاد على المراجعة هل هو واجب أو لا؟
فأصحاب المذهب الأول - وهم القائلون: إن الأمر المطلق
للوجوب - يقولون: يجب الإشهاد على المراجعة؛ لقوله تعالى:
(فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) ، فقالوا: إن المراد بالإمساك: المراجعة،
والإشهاد على المراجعة مأمور به، والأمر يقتضي الوجوب، فإن
ترك الإشهاد فهو آثم.
أما أصحاب المذهب الثاني - وهم القائلون: إن الأمر المطلق
للندب - فإنهم يقولون: إن الإشهاد مندوب إليه، فإن ترك الإشهاد
فلا إثم عليه؛ استدلالاً بقاعدتهم هنا.
أما أصحاب المذهب الثالث - وهم القائلون: إن الأمر المطلق