تأثير الوجوب، ومنه سمي الحز في الخشبة فرضاً لبقاء أثره على كل
حال، وسمي السقوط على الأرض وجوباً؛ لأنه قد لا يبقى أثره في
الباقي.
وإذا كان الأمر كذلك: وجب اختصاص الفرض بقوة في الحكم
كما اختص بقوة في اللغة؛ حملاً للمقتضيات الشرعية على
مقتضياتها اللغوية؛ لأن الأصل عدم التغيير.
الدليل الثاني: أن العلماء قد اتفقوا على أن الدليل القطعي ثبوتاً،
ودلالة يفيد علماً أقوى مما يفيده الدليل الظني ثبوتاً ودلالة، وبناء
على ذلك لا بد من التفريق بين الحكم الثابت بدليل قطعي، لإفادته
علماً يقينياً، وبين الثابت بدليل ظني المفيد ظناً قوياً، فيطلق على
الثابت بالأول اسم " الفرض "، ويطلق على الثابت بالثاني اسم
"الواجب " وذلك من أجل تسهيل التمييز بينهما لتصبح دلالة كل
اسم على نوعه أدق وأوضح دون حاجة إلى قرائن.
ولو لم يعتبر هذا التفريق لزم رفع الدليل المظنون إلى رتبة المقطوع
من جهة، وحط الدليل المقطوع به إلى رتبة المظنون من جهة أخرى.
الدليل الثالث: أن وجود التفاوت بينهما في الآثار والأحكام
يجعلنا نخص كل نوع باسم، بيان ذلك:
أن حكم الفرض يكفر جاحده، ويفسق تاركه بلا عذر.
أما حكم الواجب فلا يكفر جاحده، ويفسق تاركه إذا استخف به
أما إذا تأول فلا.
وإن الحج يشتمل على فروض، وواجبات، وأن الفرض لا يتم
النسك إلا به، والواجب يجبر بدم.