العموم وضع أصلاً وحقيقة لاستغراق جميع الأفراد، فإذا استعمل
اللفظ العام في بعض الأفراد صار ذلك اللفظ مستعملاً في غير ما
وضع له، فصار مجازاً كما لو استعمل الحمار في الرجل البليد.
جوابه:
إنكم قستم ما نحن فيه على أسماء الحقائق إذا استعملت في غير ما
وضعت له، فذكرتم أن هذا كاستعمال الحمار في الرجل البليد،
وهذا لا يسلم لكم، فالعرب لم تضع اسم الحمار للرجل البليد
حقيقة، واستعملوا لفظ العموم في البعض حقيقة.
المذهب الثالث: أن العام إذا دخله المخصص المتصل - كالشرط،
والاستثناء، والصفة، والغاية - فإنه يكون حقيقة في الباقي.
وإن خص بمنفصل فإنه يصير مجازاً فيما بقي.
وهو اختيار أبي الحسين البصري، ونسب إلى القاضي أبي بكر
البا قلاني.
دليل هذا المذهب:
أنه يوجد فرق بين العام المخصص بالمنفصل، والعام المخصص
بالمتصل، وهو:
أن العام إذا خصص بالمنفصل - كالعقل والنص - فإنه يكون قد
أريد بذلك اللفظ العام غير ما وضع له بسبب قرينة، فمثلاً لو قال:
" أكرم العلماء "، ثم قال: " أريد الطوال "، فإنه يتناول الباقي
كما يتناول غيره، وهو ما خرج بالمخصص، فإذا استعمل في الباقي
بعد التخصيص صدق عليه أنه مستعمل في بعض ما تناوله، فكان
مجازاً.