شخص، ويحصل ذلك الشيء من غيره، والفائدة في التفويض
نصبه لذلك، لا أن غيره ممنوع منه.
الجواب الثاني: أنا لا نُسَلِّمُ أن المراد من الآية هو: البيان - كما
ذكرتم - بل المراد من الآية هو: إظهار ما نزل اللَّه، وإبلاغه إلى
الأُفَة يدل على ذلك: أنا لو حملنا قوله تعالى: (لتبين للناس)
على البيان، وهو: إزالة الإشكال لوقع تعارض بين تلك الآية،
وقوله تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) ،
والتعارض خلاف الأصل، فوجب - للتخلص من هذا التعارض -
حمل الآية التي استدللتم بها على التلاوة، والإبلاغ، وإذا كان المراد
من تلك الآية: الإبلاع، والتلاوة: لم يلزم من تفويض البيان إلى
الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أنه لا يجوز تخصيص الكتاب بالكتاب.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف لفظي؛ لاتفاق أصحاب المذهبين على أن يكون عدة
الحامل مطلقهَ هو: وضع حملها؛ لقوله تعالى:
(وأولات الأحمال) مع أنه قال: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) ،
وللاتفاق على جواز نكاح نساء أهل الكتاب، لقوله تعالى:
(والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب ... ) مع قوله تعالى:
(ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) ، لكن أصحاب المذهب الأول قالوا
بأن هذا من باب تخصيص الكتاب بالكتاب، وأصحاب المذهب
الثاني لم يجعلوه من هذا الباب، وإنما جعلوه من باب آخر وسموه
باسم آخر.