المسألة الرابعة: في نخصيص الكتاب بالسُّنَّة المتواترة سواء
كانت السُّنَّة قولية أو فعلية:
هذا جائز بالاتفاق؛ لدليلين هما:
الدليل الأول: الوقوع، والوقوع دليل الجواز.
مثال تخصيص الكتاب بالسُّنَة القولية: قوله - صلى الله عليه وسلم -:
" لا يرث القاتل "، وقوله؛ " لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم "،
فإنهما وردا مخصصين لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ)
أي: أن جميع الأولاد يرثون من آبائهم إلا القاتل لا يرث، والولد
الكافر.
اعتراض على ذلك:
قال قائل - معترضاً -: إن هذين الحديثين ليسا بمتواترين، بل
هما في مرتبة الآحاد، فكيف تقول: إنهما في مرتبة التواتر.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: أنا لا نُسَلِّمُ أنهما في مرتبة الآحاد، بل كانا في
مرتبة التواتر في زمن التخصيص، وهو زمن الصحابة - رضي الله
عنهم - والعبرة بزمن التخصيص، لا بهذا الزمن.
الجواب الثاني: على فرض أنهما في مرتبة الآحاد، وأن العبرة
بهذا الزمن، فإن الآية قد خصصت بهما مع أنهما في مرتبة الآحاد،
وإذا خصصت الآية بهما مع أنهما في مرتبة الآحاد، فمن باب أوْلى
أن يخصص الكتاب بالمتواتر؛ لأن المتواتر أقوى من الآحاد.
ومثال تخصيص الكتاب بالسُّنَّة المتواترة الفعلية: رجم ماعز بن مالك