المذهب الأول: أن القياس يخصص عموم الكتاب والسُّنَّة مطلقاً.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لدليلين:
الدليل الأول: أن القياس دليل شرعي خاص، والعام دليل
شرعي، ولا يمكن أن نقدم العام على الخاص؛ لأنه يلزم منه إلغاء
الخاص بالكلية، أما تقديم الخاص عليه، فلا يوجب ذلك، فكان
تقديم الخاص - وهو القياس - أَوْلى.
وقد سبق بيان ذلك كثيراً.
الدليل الثاني: أن صيغة العموم قد ضعفت بسبب كثرة تعرضها
للتخصيص، وكثرة احتمالات دخول المخصصات عليها حتى قيل:
"ما من عام إلا وقد خص منه البعض " فى حين أن القياس لا يحتمل
ذلك، والمحتمل أضعف من غير المحتمل، فيكون القياس أقوى من
العام، والقوي يخصص الضعيف.
المذهب الثاني: أن القياس لا يخصص عموم الكتاب والسُّنَّة
مطلقاً.
وهو مذهب بعض المعتزلة كالجبائي، وبعض الفقهاء، ووجه عند
الإمام أحمد، واختاره بعض الحنابلة كأبي إسحاق بن شاقلا.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: حديث معاذ - رضي اللَّه عنه - حيث رتب الأدلة
فكان الكتاب أولاً، ثم السُّنَّة، ثم الاجتهاد - ومنه القياس -
فصوبه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالقياس يعمل به بشرط: عدم وجود كتاب ولا سُنّة.