فلا يمكن على هذا تقديم القياس على عموم النص من الكتاب
والسئُنَة.
فالفول بتخصحص عموم الكتاب والسُّنَّة بالقياس تقديم للقياس
على الكتاب والسُّنَّة، وأنه خلاف النص فكان باطلاً.
جوابه:
أن كلامكم هذا يقتضي: أن لا يجوز تخصيص الكتاب بالسُّنَة
المتواترة؛ لأن الكتاب متقدم عليها، وهذا باطل؛ حيث قلنا هناك:
إنه يجوز تخصيص الكتاب بالسُّنَّة المتواترة، فإذا جاز تخصيص
الكتاب بالسُّنة المتواترة مع تأخرها في الرتبة عنه، فإنه يجوز
تخصيص النص بالقياس مع تأخره عنه في الرتبة.
الدليل الثاني: أن النص العام أصل - حيث إنه ثبت بكتاب أو
سُنَّة - والقياس فرع لذلك النص العام؛ حيث إنه يلحق به،
والفرع لا يمكن أن يسقط أصله، أي: لو خصصنا النص العام
بالقياس للزم من ذلك تقديم الفرع على الأصل، ولزم إسقاط الفرع
للأصل، وهذا لا يجوز.
جوابه:
إنا لم نترك الأصل بفرعه، وإنما القياس هو فرع لنص آخر،
وليس فرعا للنص المخصوص، والنص تارة يخصص بنص آخر،
وتارة يخصص بمعقول نص آخر، ولا معنى للقياس إلا معقول النص.
فمثلاً: لما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
" لا تبيعوا البر بالبر " قسنا عليه الأرز،
وقلنا بأنه لا يجوز الربا فيه، قياسا على البر، خصصنا بهذا
القياس عموم قوله تعالى: (وأحل اللَّه البيع) ، فهنا لم يخصص
الأصل بفرعه.