الدليل الثالث: أن النصوص العامة تفيد ظن الحكم فائدة أقوى
وأكثر من إفادة القياس لظن الحكم، فلا يجوز تقديم الأضعف
والأقل فائدة - وهو القياس - على الأقوى والأكئر فائدة - وهو
العموم -.
جوابه:
لا نسلم ذلك على الإطلاق، بل قد تكون الظنون المستفادة من
القياس أقوى، وقد تكون الظنون المستفادة من العموم أقوى في نفس
المجتهد، إذن: لا يبعد أن يوجد قياس قوي أغلب على الظن من
عموم ضعيف.
المذهب الثالث: الفرق بين القياس الجلي، والقياس الخفي، بيانه:
إن كان القياس جلياً، فإنه يخصص العموم.
وإن كان القياس خفيا، فإنه لا يخصص العموم.
وهو مذهب ابن سريج، والإصطخري من الشافعية، وبعض
المتكلمين.
ثم اختلف هؤلاء في تفسير الجلي والخفي على أقوال:
فقيل: إن الجلي هو قياس العِلَّة - وهو إثبات الحكم في الفرع
بعفَة الأصل - ولا يوجد له إلا أصل واحد، والقياس الخفي هو:
قيَاس الشبه وهو: تردد الفرع بين أصلين، ويكون شبهه بأحدهما
أكثر فنلحق الفرع بأكثرهما شبها.
وقيل: إن الجلي هو: ما يظهر فيه المعنى الجامع بين الأصل
والفرع، والقياس الخفي هو: ما كانت فيه العِلَّة مستنبطة من حكم
الأصل، وقيل غير ذلك.