فإنه عام في كل جلد غير مدبوغ؛ حيث إن الإهاب اسم لذلك،
وقال عليه السلام في شأن ميمونة: " دباغها طهورها "، فهل ذكر
هذا يعتبر تخصيصا لذلك العام؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه لا يجوز تخصيص العام بذكر بعضه.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لأن المخصص يجب
أن يكون منافياً للعام، وذكر بعض العام بحكم العام غير مناف له،
فحكمهما واحد فامتنع التخصيص؛ لعدم وجود ما يقتضيه.
المذهب الثاني: أنه يجوز تخصيص العام بذلك الفرد المذكور.
وهو مذهب قد نسب إلى أبي ثور - رحمه اللَّه - فيكون المراد من
الإهاب جلد الشاة.
دليل هذا المذهب:
أن المفهوم مخصِّص كما سبق، وتخصيص الشيء بالذكر يدل
على نفي الحكم عما عداه بطريق مفهوم المخالفة، وعلى ذلك:
يكون تخصيص جلد الشاة بالذكر يدل على نفي ذلك الحكم عما
عداه، وإذا ورد عام متناول لكل الجلود، فإنه يقع التعارض بينه
وبين مفهوم ذلك الخاص، ويقع التنافي بينهما، إذن يكون المقتضي
للتخصيص موجود، فيكون ذكر بعض العام مخصصا للعام،
ويحصر على هذا البعض المذكور فقط.
جوابه:
إن مفهوم المخالفة الذي قلنا بأنه مخصص هو: الذي اعتبر دليلاً
من أدلة الشرع، وهو: مفهوم الصفة ومفهوم الشرط والعدد وغيرها