المسألة الحادية عشرة: الاستثناء الواقع بعد الجمل المتعاطفة
بالواو هل يرجع إليها جميعاً، أو يرجع إلى الأخيرة فقط؟
محل الخلاف في هذه المسألة إذا لم يكن هناك قرينة تدل على
إرادة الجميع، أو قرينة تدل على أن المراد الجملة الأخيرة أو الأولى،
فإن كان هناك قرينة وجب العمل بما تقتضي تلك القرينة.
ومثال الاستثناء الذي يعود إلى الجميع بقرينة: قوله تعالى:
(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤) ،
فإن الاستثناء هنا راجع إلى الجميع اتفاقا.
وأيضاً يمكن أن يمثل لذلك بقوله تعالى:
(وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ... ) ، ثم قال في آخر الآية: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا ... ) ، فإنه يرجع إلى الجميع اتفاقا.
ومثال الاستثناء الذي يرجع إلى الجملة الأولى بقرينة قوله تعالى:
(فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) ،
فالاستثناء هنا راجع إلى الجملة الأولى؛ لأن المعنى: فمن شرب منه
فليس مني إلا من اغترف غرفة بيده فإنه مني، ولو كان الاستثناء
راجعاً إلى الأخيرة لكان المعنى: ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من
اغترف غرفة بيده، وهذا لا يراد.
ومثال الاستثناء الذي يرجع إلى الجملة الأخيرة بقرينة قوله تعالى: