(وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) ، فإن الاستثناء راجع إلى الأخيرة؛ لأن تحرير الرقبة
هو حق لله، فلا يسقط بإسقاطهم.
والنزاع واقع في الاستثناء الواقع بعد الجمل المتعاطفة بالواو، أما
إذا كان العاطف غيرها كالفاء، وثم، فإن الاستثناء يختص
بالأخيرة، حيث إن الفاء وثم يقتضيان الترتيب كما سبق قوله في
معاني الحروف، أما الواو فلا تقتضي ذلك.
إذن: اختلف العلماء في الاستثناء الواقع بعد الجمل المتعاطفة
بالواو هل يرجع إليها جميعاً، أو يرجع إلى الأخيرة فقط؛ على
مذهبين:
المذهب الأول: أنه يرجع إلى جميع الجمل.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لما يلي من الأدلة:
الدليل الأول: اتفاق أهل اللغة على أن تكرار الاستثناء عقيب كل
جملة يعتبر نوعاً من العي، والركاكة فيما لو أراد إرجاعه إلى الجميع
كما لو قال: " إن شرب زيد الخمر فاضربه إلا أن يتوب، وإن زنا
فاضربه إلا أن يتوب "، فإذا ثبت استقباح ذلك: فلم يبق - للتخلص
من ذلك - إلا أن يجعل استثناء واحداً في آخر الجمل ويعود إلى
جميعها فيقول: " إن شرب زيد الخمر فاضربه، وإن زنا فاضربه إلا
أن يتوب ".
الدليل الثاني: القياس على الشرط، بيانه:
كما أن الشرط إذا تعقب جملاً، فإنه يرجع إلى جميع الجمل،
فتقول: " نسائي طوالق، وعبيدي أحرار إن كلمت زيداً "،