للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلق يختلف عن سبب المقيد، وكل واحد منهما أمراً كقوله تعالى

في كفارة الظهار: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) ، وقوله في كفارة القتل:

(وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) ، فهنا الحكم واحد، وهو في

وجوب إعتاق رقبة، وهو في المطلق والمقيد أمر، والسبب مختلف،

حيث إن سبب عتق الرقبة في المطلق هو: الظهار، وسبب عتق

- الرقبة في المقيد هو: القتل الخطأ، فهل يحمل المطلق على المقيد،

لقد اختلف العلماء في ذلك على مذاهب:

المذهب الأول: إن قام دليل نحو القياس على المقيد أو غيره حمل

المطلق على المقيد، وإن لم يقم دليل، فإن المطلق يبقى على

إطلاقه، وهو مذهب جمهور الشافعية، ومنهم الإمام الشافعي،

والآمدي، وفخر الدين الرازي، وبعض المالكية كالقاضي أبي بكر

الباقلاني، وبعض الحنابلة كأبي الخطاب، وبعض المعتزلة كأبي

الحسين البصري، وهو الحق عندي لما يلي من الأدلة:

الدليل الأول: أن القياس دليل شرعي عام في كل صورة إلا إذا

فقد فيه ركن من أركانه، أو شرط من شروطه، وذلك لأن الأدلة

على حجيته لم تفرق بين صورة وصورة، فإذا دلَّ القياس على حمل

المطلق على المقيد، فإنه يجب العمل على في لك عملاً بحجية القياس.

الدليل الثاني: قياس تقييد المطلق على تخصيص العام بالقياس،

بيانه:

أنه كما أن العام يجوز تخصيصه بالقياس، فكذلك يجوز تقييد

المطلق بالقياس، والجامع: صيانة القياس عن الإلغاء، بل هذا

أَوْلى " لأن دلالة العام على كل الأفراد دلالة لفظية، ودلالة المطلق