وبعض الشافعية كالآمدي، وتاج الدين ابن السبكي، وكثير من
الحنابلة كأبي يعلى.
وهو الحق عندي؛ لدليلين:
الدليل الأول: أن التنبيه بالأدنى على الأعلى، أو بأحد المتساويين
على الآخر أسلوب عربي فصيح تستعمله العرب للمبالغة في تأكيد
الحكم في محل السكوت، وهو أفصح عندهم من التصريح بحكم
المسكوت عنه.
فمثلاً إذا قصدوا كون أحد الفرسين سابقا للآخر قالوا: " هذا
الفرس لا يلحق غبار هذا الفرس "، وكان هذا التعبير عندهم أبلغ
من قولهم: " هذا الفرس سابق لهذا الفرس ".
الدليل الثاني: أن الحكم الثابت بمفهوم الموافقة مستند في فهمه إلى
المناط اللغوي، وهو المعنى المقصود من الحكم المنصوص عليه، فلم
يتوقف فهمه على الاجتهاد والاستنباط والتأمل الدقيق، بل إنه عند
سماع اللفظ والنص يتنبه الذهن من العارف باللغة، فينتقل مباشرة
من المنطوق إلى المسكوت انتقالا ذهنيا سريعا بدون توقف على
مقدمات شرعية، أو استنتاجية.
المذهب الثاني: أن دلالة مفهوم الموافقة من قبيل القياس، وهو ما
يُسمى بالقياس الجلي.
وهو مذهب الإمام الشافعي، وأكثر الشافعية، ومنهم: إمام
الحرمين، وأبو إسحاق الشيرازي، وفخر الدين الرازي، وبعض
الحنفية، وبعض الحنابلة كأبي الحسن الجزري.
دليل هذا المذهب:
أن مفهوم الموافقة يدل على إلحاق مسكوت عنه بمنطوق به؛
لاشتراكهما في عِلَّة الحكم فانطبق عليه حد القياس.