٢ - عند تعارض مفهوم الموافقة مع القياس فإن مفهوم الموافقة
يقدم على القياس عند من يرى أن دلالته لفظية، فيكون الحكم الذي
استفدناه عن طريق مفهوم الموافقة مقدما على الحكم الذي استفدناه
عن طريق القياس.
٣ - أن مفهوم الموافقة تثبت به العقوبات كالحدود، والقصاص،
والكفارات عند أصحاب المذهب الأول - وهم القائلون: إن دلالة
مفهوم الموافقة لفظية؛ وذلك لأن هذه الدلالة لفظية خلت عن الشبهة
في دلالتها، وهذا عند الحنفية.
أما إذا كانت دلالة مفهوم الموافقة دلالة قياسية، فلا يُعتبر مفهوم
الموافقة طريقا لإثبات ما يندري بالشبهات من الحدود والكفارات؛
حيث إنها مقدرات، ولا مدخل للعقل أو الاجتهاد بالرأي في
المقدرات، هذا أيضاً عند الحنفية.
أما عند الجمهور، فإن العقوبات من حدود وكفارات تثبت بمفهوم
الموافقة، سواء كانت دلالته دلالة لفظية، أو من قبيل القياس،
وهذا قد بينته بالتفصيل في كتابي " إثبات العقوبات بالقياس " فارجع
إليه إن شئت، وسيأتي تفصيله في باب القياس إن شاء اللَّه تعالى.
القول الثاني: إن الخلاف لفظي لا ثمرة له، وهو اختيار إمام
الحرمين، والغزالي، والتفتازاني، وأمير بادشاه.
دليل هذا القول:
أن أصحاب المذهبين قد اتفقوا على اعتبار هذا النوع من الدلالة،
واتفقوا على الحكم، إلا أن أصحاب المذهب الأول جعلوه من
الدلالة اللفظية، وأصحاب المذهب الثاني جعلوه من قبيل القياس
الجلي، فالخلاف اعتباري اختلفت أنظار الفريقين إليه: