للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة السادسة: أقسام مفهوم الموافقة من حيث كونه أَوْلى أو

مساوياً:

لقد سبق أن قلنا: إنه لا يشترط في مفهوم الموافقة: أن يكون

المسكوت عنه أوْلى بالحكم من المنطوق به، فيترتب على ذلك: أن

مفهوم الموافقة ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: مفهوم موافقة أولوي.

القسم الثاني: مفهوم موافقة مساوي.

أما القسم الأول - وهو: مفهوم الموافقة الأولوي - فهو: ما كان

المسكوت عنه أَوْلى بالحكم من المنطوق به، أي: أن المناسبة بين

المسكوت عنه وبين الحكم أقوى وأشد منها بين المنطوق وبين هذا

الحكم، فيكون المسكوت عنه أوْلى منه بالحكم، وهو يسمى بالتنبيه

بالأدنى على الأعلى، والأمثلة على ذلك كثيرة: منها: قوله تعالى:

(فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ) ، وقد سبق بيان ذلك، ومنها قوله تعالى:

(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا) ، فإن هذا تنبيه - وهو

عدم أدائه للدينار - على الأعلى - وهو: عدم أدائه للأكثر من

الدينار -، أي: إنه إذا كان لا يؤدي الدينار مع قلته، فإنه من باب

أَوْلى أن لا يؤدي ما هو أكثر منه.

القسم الثاني: مفهوم الموافقة المساوي، وهو: ما كان المسكوت

عنه مساويا للمنطوق به في الحكم.

أي: أن المناسبة بين المسكوت عنه وبين الحكم على قدر الناسبة

الموجودة بين المنطوق وبين هذا الحكم.